الا بذكر الله تطمئن القلوب

الا بذكر الله تطمئن القلوب

 

بسم الله الرحمان الرحيم

يقول تعالى في كتابه العزيز “الذين آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” سورة الرعد 28

سوف انطلق من هذه الاية الكريمة لاتناول الحديث عن اهمية ذكر الله وفائدته العظيمة في حياتنا كمسلمين, من احياء للقلب وانشراح للصدر وازالة الهموم وطرد للشيطان فهو عبادة سهلة يسيرة، ليس فيها دفعُ مالٍ، ولا تتطلَّب مخاطرة ولا إقدامًا، ولا تَستلزم فراغًا، ولا تَستهلك جهدًا، وشأنها عظيم، وأثرها كبير في رفْع الدرجات ومَحو الخطيئات، عبادة يُطيقها الصغير والكبير من الرجال والنساء، عبادة تؤدَّى في كلِّ وقتٍ ومكان، إنها قد قارَبت في فضْلها فضْلَ الجهاد في سبيل الله، الذي فيه الحرب والضَّرب، وتطايُر الرِّقاب، وتقطُّع الأشلاء..فما اشد حاجتنا في زماننا هذا الى ذكر العلي القدير.

اولا : مفهوم ذكر الله

ياتي الذكر لغة بمعنى خلاف النسيان ويأتي بمعنى الحفظ للشيء، وهو أيضاً الشيء يجري على اللسان، ومنه قولهم ذكرت لفلان حديث كذا وكذا، أي: قلته له. تقول: ذكره يذكره ذِكراً وذُكراً.

ومن ناحية اخرى فالذكر هو الصلاة لله تعالى، والدعاء إليه، ويطلق أيضاً على الطاعة، والشكر ، والدعاء، والتسبيح، وقراءة القرآن، وتمجيد الله وتهليله وتسبيحه والثناء عليه بجميع محامده، والذكر أيضاً: الكتاب الذي فيه تفصيل الدين ووضع الملل، وكل كتاب من الأنبياء ذكر، ومنه قوله تعالى: ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون”

وأما شرعا فله معنيان:

أ- معنى عام: ويشمل كل أنواع العبادات من صلاة وصيام وحج وقراءة قرآن وثناء ودعاء وتسبيح وتحميد وتمجيد وغير ذلك من أنواع الطاعات؛ لأنها إنما تقام لذكر الله وطاعته وعبادته.

قال شيخ الإسلام: “كل ما تكلم به اللسان وتصوره القلب مما يقرِّب إلى الله من تعلّم علم وتعليمه وأمر بمعروف ونهي عن منكر فهو من ذكر الله”.

وقال عبد الرحمن بن سعدي: “وإذا أطلق ذكر الله شمل كل ما يقرِّب العبدَ إلى الله من عقيدة أو فكر أو عمل قلبي أو عمل بدني أو ثناء على الله أو تعلم علم نافع وتعليمه ونحو ذلك، فكله ذكر لله تعالى.

ب- معنى خاص: وهو ذكر الله بالألفاظ التي وردت عن الله سبحانه وتعالى من تلاوة كتابه أو إجراء أسمائه أو صفاته العليا على لسان العبد أو قلبه مما ورد في كتاب الله سبحانه، أو الألفاظ التي وردت على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها تمجيد وتنزيه وتقديس وتوحيد لله سبحانه وتعالى.

والمراد من الذكر حضور القلب، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله ويتدبر ما يقول.

وذكر الله محبوب ومطلوب من كل أحد مرغَّب فيه في جميع الأحوال،ونستشف ذلك من قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا}، فهو أفضل الأعمال وأعلاها عند الله أجرا كما قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم؛ فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟.. قالوا: بلى. قال: ذكر الله].

إلا هناك حالات ورد الشرع فيها بانه لا يستحب الذكر فيها، كحال الجلوس على قضاء الحاجة او في حالة الجماع.

وأجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك.

ثانيا: فضل ذكر الله عز وجل وفائدته

ذكر الله عز وجل هو خير الأعمال وأزكاها وأفضلها، وهو من أجلّ الطاعات، وباب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته، وروح الأعمال الصالحة، فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه.

وقد جاءت نصوص كثيرة وعديدة في فضله وأهميته وعلو شأنه ومنزلته وعظيم فائدته وأثره على العبد في الدنيا والآخرة وحاجته إليه.

وهذه النصوص مع كثرتها متنوعة، إما مرغبة فيه بذكر ثواب الذاكرين وفضيلة الذكر، وإما آمرة بذكر الله سبحانه، وإما منفِّرة عن نسيان ذكر الله والغفلة عنه بجعل عدم الذكر من صفات المنافقين والكافرين.

وهكذا جاء في سورة العنكبوت ان ذكر الله سبحانه أكبر من كل شيء فقال: “وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ”، فذكر الله أكبر من كل شيء، فهو أفضل الطاعات لأن المقصود بالطاعات كلها إقامةُ ذكره، فهو سر الطاعات وروحها.

وقال سبحانه: “إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما”. الأحزاب:35.

فإن ذَكَر العبد ربَّه يطمئنُّ إليه قلبه ويسكن، فإذا اضطرب القلب وقلق فليس له ما يطمئنُّ به سوى ذكر الله. وقيل: المراد بالذكر هنا القرآن.

وقال تعالى: “فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ”البقرة:152.

وفي الفضل الكبير لذكر الله ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة”.

وفي فائدة ذكر الله الشيء العظيم ونذكر منها:

أنه يرضي الرحمن عز وجل

أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.

أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.

أنه يزيل الهم والغم عن القلب.

أنه يقوي القلب والبدن.

أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام.

أنه يفتح له باباً عظيماً من أبواب المعرفة

أنه يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله.

أنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.

أن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة.

أن العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.

أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين.

أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.

أن الملائكة تستغفر لمن يذكر الله.

بعد سردي لهذه الفضائل والفوائد لا يسعنا الا ان نقول اللهم اجعلنا من الذاكرات الله كثيرا

Lamya Essousy

‎اضف رد
اخر المقالات