فضل صيام الست من شوال

 

شرعت العبادات والطاعات لتزكية نفس المؤمن وتحقيق القربة الى الله عز وجل ,لذلك فبقدر تحقيقه لهذه الطاعات تكون تزكيته لنفسه ,وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.

لذلك فانه في الغالب كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.

ويدخل الصيام  في جل العبادات والطاعات التي تقرب العبد الى ربه فيظهر بذلك صدق إيمانه وتقواه, ولذلك كان كثيرٌ من المؤمنين لو ضُرب أو حُبس على أن يُفطِر يومًا من رمضان بدون عذر شرعي لم يفطر، وهذه الحكمة من أبلغ حِكَمِ الصيام، والصيام سبب للتقوى؛ فإن الصائم مأمور بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي كما قال – صلى الله عليه وسلم -: “من لم يدع قول الزور والعمل به، والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.

وركن الصيام اما صيام الفريضة كشهر رمضان المبارك او صيام النوافل او السنة كالايام البيض من كل شهر وصيام الست من شهر شوال والتي سنتاوله بالحديث.

فصيام الستة من شوال بعد شهر رمضان الفضيل، فرصة مهمّة لكسب الحسنات، بحيث يقف الصّائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان. كما ان صيام هذه الايام دليل على شُكر الصّائم لربّه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أنّ صيامها دليل على حبّ الطّاعات ورغبة في المواصلة في طريق الصّالحات.

كما ان صيام ست من شوال هو  سنّة مستحبّة وليس بواجب ،  وعليه فلا حرج على من تركه كله أو صيام بعضه وترك الباقي، وله أجر ما صامه منها. والله أعلم.

وفي صيام ستة أيام من شوال  فضل عظيم وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر . ” رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) » وفي رواية : «جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة » النسائي وابن ماجة.

وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية : بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا ، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.

ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : « إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم»

والسؤال المطروح هنا ,ما حكم صيام الست من شوال قبل القضاء لمن عليه قضاء؟

ان هذه المسالة هي محل خلاف بين الفقهاء,الا ان الراجح عند الجمهور انه صيام صحيح ,وجائز بلا كراهة عند الحنفية ومع الكراهة عند المالكية والشافعية. والصحيح أنه جائز بلا كراهة لأن القضاء موسع يجوز فيه التراخي، وصيام الست قد يفوت فيفوت فضله.

ويستدل على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها: كَانَ يَكُونُ عَلَىَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِى شَعْبَانَ الشُّغُلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- [ متفق عليه ].

كما ان ظاهر الآية (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة: من الآية184)، غير محدد، كما أن حديث عائشة هذا يدل -والله أعلم- على أنها كانت تتنفل قبل الفريضة والغالب أنها كانت تصوم الست لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يندب إليها ، وثبت عنها رضي الله عنها أنها صامت يوم عرفة.

 

Lamya Essousy

‎اضف رد
اخر المقالات